الأحد، 16 سبتمبر 2012

حقيقة الشيء أكبر بكثير من مظهره المادي

كنت قد تطرقت إلى هذا الموضوع قبل عدة سنوات على هامش دراستي لموضوع المعلوماتية وتقنيات المعلوماتية ووسائطها المتعددة ووسائل نقل المعلومات وتخزينها وتوزيعها،  فهناك كما يعرف العارفون أشكال مختلفة لتمثيل المعلومات في مراحلها المختلفة ... ومنها

1-   النص المكتوب يدويا: (المخطوطات) وهي أقدم أشكال المعلومات
2-   النص المطبوع: (بعد اختراع الطباعة والمطابع)
3-   النص الالكتروني: باستخدام شيفرات خاصة لتحويل الحروف إلى أرقام ثنائية مكونة أساسا من الواحد والصفر
4-   النص المغناطيسي : والذي يتم تخزينه في الوسائط المغناطيسية
5-   البطاقات المثقبة / الشريط الورقي المثقب:  والتحسس الضوئي للثقوب
6-   شيفرة بريل:  (لمن فقدوا حاسة البصرويتم قراءتها بحاسة اللمس)
7-   الصوت : عند نطق الكلمات أو قراءة النص المكتوب/المطبوع/الالكتروني
8-   الصورة :  حيث يتم تحويل الأفكار والمعلومات إلى صور معبرة عنها بشكل أو بآخر
9-   الأثير:  الذي يحمل البث الإذاغي والتلفزيوني بعد تحويل النصوص إلى موجات يتم تعديلها وتحميلها على موجات ناقلة عابرة للمسافات

وقد يكون هناك أشكال أخرى لتمثيل نصوص المعلومات ومنها الرائحة واللون والطاقة بأشكالها المختلفة .. 

وكنت قد استخدمت هذا التحليل المعلوماتي وطبقته على القرآن الكريم (المطبوع) والذي درج الناس على  تقبيله أو وضعه على الرأس عند فتحه والقراءة فيه، وكانت تلك فترة ظهور الاسطوانات المدمجة (سي دي) وظهر في الأسواق نسخ إلكترونية للقرآن الكريم على هذه الأسطوانات، فصار من الممكن أن ندخل الأسطوانة في جهاز الحاسوب وتشغيلها لتظهر سور وآيات القرآن الكريم نصوصا ضوئية/إلكترونية على شاشة الحاسوب .. 

وسألت السؤال التالي

"هل اصبحت هذه الأسطوانة المدمجة التي تحمل على سطحها ترميزا / تشفيرا ضوئيا معينا  يمثل القرآن الكريم بمثابة القرآن نفسه ؟؟ وهل يتوجب علينا معاملتها بنفس التبجيل والاحترام كما نعامل النص المطبوع للقرآن الكريم ؟"

هل يتوجب على من يقبل القرآن (المصحف) المطبوع ويضعه على رأسه قبل فتحه والقراءة فيه، أن يفعل ذات الشيء مع الأسطوانة المدمجة التي تحمل على سطحها "كتابة بطريقة أخرى" للقرآن الكريم فيقبلها ويضعها على رأسه قبل وضعها في الحاسوب ليطالع النص القرآني منها ؟؟
  • وهل الأسطوانة المدمجة التي تحوي النص هي "القرآن الالكتروني" ؟ 
  • أم الشاشة الالكترونية التي يظهر عليها النص ؟ 
  • أم  جهاز الحاسوب الذي يحول النص المخزون في الأسطوانة إلى نص مقروء على الشاشة ؟
  • أم كلها معا فيصبح الحاسوب والشاشة والسماعة والأسطوانة المدمجة كلها بمثابة القرآن الكريم ؟؟
خطر ببالي كل هذا الكلام وأنا أسمع الحديث عن "تمزيق" القرآن الكريم أو "حرقه" أو "وضع القذارة عليه"  كما حصل في أمريكا وأفعانستان وغيرها .. ومن الواضح أن هذه الألفاظ/الأفعال "تمزيق" و "حرق" توحي بأننا نتكلم عن "التمثيل المادي للقرآن بشكله المطبوع أي أنه في النهاية "حبر" على "ورق" ... فهل "قدسية القرآن" هي لهذه الكلمات بتمثيلها المادي "حبر على ورق" أم أنها "للصور الذهنية والمعاني" التي تتركها هذه الكلمات في العقل عند قراءتها أو سماعها ؟

هل هذا هو القرآن الكريم  ؟ أم أنها مجرد نسخ مادية عن القرآن ؟ 

لنسمع ماذا يقول القرآن الكريم عن نفسه 
وهذا أمر يتوافق مع الواقع ... فنحن نعرف أن القرآن الكريم (المصحف) الموجود بين أيدينا هو "نسخة خطية أو مطبعية" عن النسخة الأصلية للقرآن الكريم الذي تعهده الله تعالى بالحفظ وجعله في اللوح المحفوظ الذي لا يمسه إلا المطهرون !

وماذا لو قام الأعداء بأخذ أسطوانة مدمجة تحتوي القرآن الكريم فأتلفوها أو كسروها أو أحرقوها .. هل نثور بنفس الشكل وبنفس الشدة ؟  أم أننا تعلقنا بشكل محدد وهو النسخة المطبوعة الورقية ؟  

وماذا لو قام أحد باختراق موقع إنترنت مخصص للفرآن الكريم وأحدث فيه "تلفا" إلكترونيا يعادل "التمزيق" و "الحرق" للنسخة الورقية المطبوعة للقرآن الكريم ... هل سيكون نفس رد الفعل ؟

أسئلة عديدة تصلح لأن تكون موضوعا لجلسة "عصف ذهني" يشارك فيها العلماء والمفكرون والفقهاء للإجابة على هذه الأسئلة الطارئة والمحدثة في ضوء التطور العلمي والتقني الحالي ! 
 

ليست هناك تعليقات: