كنت في أواسط السبعينيات طالبا جامعيا على مقاعد الدراسة في بغداد عندما كان العراق تحت رئاسة أحمد حسن البكر (قبل تولي الرئيس صدام حسين الرئاسة في 1979) .. وأذكر أنه كانت توجد مادة في السنة الأولى تتعلق بالمجتمع العربي .. وطلب منا أستاذ هذه المادة أن نكتب بحثا اختياريا أو مقالة حول موضوع من 3 مواضيع اقترحها علينا
اخترت موضوعا جدليا حول "علاقة العروبة بالاسلام" .. حيث كانت هناك في تلك الفترة فجوة عميقة بل هوة واسعة بين الفكر العروبي القومي الذي يمثله حزب البعث والفكر الاسلامي الأممي الذي تمثله الحركات والأحزاب الاسلامية في ذلك الوقت.
كنت ومن نشأتي المبكرة -وهذا من فضل الله- أنني اتخذت مسارا في التعبير عن رأيي الشخصي بجرأة لا تصل حد الوقاحة ، وبأدب لا يصل حد النفاق ومسح الجوخ ،وأن اتحرى الأسلوب العلمي الموضوعي .. وكنت قد تبنيت محاججة الخصم بحجته وأقواله كمبدأ لإبراز وجهة نظري في مثل هذه المواضيع الخلافية الجدلية مع الآخرين
وأحب أن أذكر هنا أن مناهج المجتمع العربي والوطن العربي والتربية الوطنية تقول في مجملها أن عناصر الوحدة العربية هي وحدة اللغة والدين والتاريخ والآلام والآمال المشتركة ... وهي نظرية لم أجدها دقيقة تماما ولا صحيحة تماما .. وطرحت سؤالا حول العروبة نفسها وهل هي شيء ثابت مطلق أم شيء نسبي متغير !! وبلغة مبسطة وبسؤال مباشر ,,, هل يكون الشخص أو الشعب أو الدولة عربيا أو غير عربي طيلة الوقت بشكل ثابت ودائم ومستمر أم أن هذا الشيء متغير ويمكن لمن لا يعتبر أنه عربي أصلا أن يصبح عربيا بعد فترة من الزمن ؟؟
وضربت لذلك بعض الأمثلة التي كانت واضحة للعيان في ذلك الوقت لأنها كانت تطورات قريبة زمنيا من تلك الفترة .. فمثلا كان هناك انضمام جزر القمر إلى جامعة الدول العربية .. وكان السؤال .. هل كانت جزر القمر عربية وكنا وكانوا يجهلون أو ينكرون هذا الشيء ؟؟ أم أنهم لم يكونوا عربا قبل يوم من قبول العضوية في الجامعة العربية ومن ثم صاروا عربا يوم تم قبولهم في هذه الجامعة ؟؟
ولو قسنا على هذا المثال ,,, هل يمكن أن نتوقع في المستقبل أن يتكرر هذا المثال وتنضم دولة أفريقية أو آسيوية أو غيرها إلى جانعة الدول العربية وتصبح عربية بين عشية وضحاها .. أم أن هذه القرارات للجامعة العربية هي قرارات سياسية بالدرجة الأولى ولا علاقة لها بحقيقة العروبة !!
ولو قسنا على هذا المثال ,,, هل يمكن أن نتوقع في المستقبل أن يتكرر هذا المثال وتنضم دولة أفريقية أو آسيوية أو غيرها إلى جانعة الدول العربية وتصبح عربية بين عشية وضحاها .. أم أن هذه القرارات للجامعة العربية هي قرارات سياسية بالدرجة الأولى ولا علاقة لها بحقيقة العروبة !!
ورجوعا إلى الموضوع ، أذكر أنني قلت في ذلك المقال / البحث أنني لا أرى علاقة إقصائية بين العرووبة والاسلام ، بل علاقة تداخلية تكاملية .. وأنه حقيقة لا عروبة أصيلة بدون الاسلام، ولا إسلام حقيقي بدون العروبة !!
وفي نفس المقال قلت شيئا .. خلق تحديا فكريا ومنطقيا مع "التقليديين" من الطرفين الاقصائيين : العروبي والاسلامي
واستشهدت وقتها بمقولة مشهورة لمؤسس حزب البعث مشيل عفلق "العروبة جسد روحه الاسلام"
وقلت أن البعث (إعادة الحياة لهذه الأمة) يعني ضمنا إعادة الروح إلى الجسد .. مما يعني إعادة أو عودة الاسلام إلى الأمة العربية !!
ولعل هذا ما حصل في المرحلة ما بين الحربين الأمريكيتين على العراق ما بين 1991 و 2003 .. قد يكون قرار متأخرا .. ولكنه كان في الاتجاه الصحيح ..
والله أعلم !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق