الثلاثاء، 31 مايو 2011

الما لا نهاية ... والصفر ... وتقريب المفاهيم الغيبية ... 2


الصفر هو العدم واللاوجود ... وهو بهذه الصفة نقيض المالانهاية   ...غير المحدودة في وجودها وحضورها واستمرارها وعدم زوالها ، وكذلك في عدم نقص هذه المالانهاية أو الزيادة فيها مهما أخذنا منها أو أضفنا إليها

والعلاقة بين الصفر والمالانهاية تلفت الانتباه في بعض جوانبها ...  وأهمها أن قسمة أي عدد ثابت مهما صغر يعطينا مالا نهاية ،،، فأي شيء قياسا بالعدم هو كل شيء من حيث المبدأ.   ولو  نظرنا إلى أنفسنا وبيئتنا وزماننا الذي نعيش فيه فهي كلها محدودة  مهما كبرت ومهما اتسعت ، وهي بالنسبة لله تعالى اللامتناهي في كل شيء لا تزيد عن كونها صفرا ،  فنحن كبشر وعالمنا الذي نعيش فيه وزماننا من خلق آدم وإلى يوم القيامة كلنا نؤول في النهاية  إلى صفر ...

إن النظرية الدينية تعطينا راحة نفسية عميقة وأصيلة حيث تنقلنا نحن جنس البشر من الصفر إلى المالانهاية ولو في بعض جوانب المالانهاية وليس كل هذه الجوانب.  وانظر إلى هذا الانسان الذي لا يتجاوز طوله مترين، وعرضه وسمكة لا يتجاوز نصف المتر ، ووزنه لا يتجاوز المئة كيلوغرام إلا ما ندر ، وكذلك عمره على هذه الأرض لا يتجاوز المئه عام أيضا إلا ما ندر ، ينتهي به الأمر إلى ما جاء منه ...  من عدم إلى عدم ، ومن تراب إلى تراب ، ومن عالم غيبي سابق إلى عالم غيبي لاحق ...
 
هذا الانسان يصبح صفرا بعد أن يصبح عدما ..  ولكن المؤمنين بالله لديهم الفرصة ليعيشوا خالدين مخلدين في عالم لا متناهي وهم في أفضل حال لا ينقصهم شيء ولا ينغص عليهم لا مرض ولا جوع ولا عطش ولا حزن ولا برد ولا حر ...  فهم ينتقلون من مصير الصفر إلى خلود المالانهاية في نعيم الله في الدار الآخرة.

وإن كان لنا بداية ونهاية في عالم الشهادة الذي نعيشه في هذه الحياة الدنيا،  فوجودنا في عالم الغيب قبل هذه الحياة وبعدها فيه من صفات المالانهاية هذه الاستمرارية الزمنية،
ولكننا كمخلوقات لله سنظل قاصرين عن الأبعاد الأخرى للمالانهاية واللامحدودية في الأمور الأخرى من علم وقدرة ورؤية وسمع ,,, مما يتجلى في صفات الله سبحانه وتعالى.  وهكذا
فلا مقارنة بين خلودنا في الآخرة (المالانهاية الزمانية)  وقدرات وصفات الله اللا محدودة واللا متناهية في كل شيء،  ونحن في عالم الآخرة سنعيش في فضل الله ونعمته وفي
ظله  وتحت رحمته ، وهكذا فلا تغرنا فكرة الخلود الزمني وتقودنا إلى مفاهيم مبالغ فيها في أبعاد المالانهاية ، فنحن سنبقى محدودين في الأمور الأخرى ... والله أعلم

ليست هناك تعليقات: