الأحد، 22 سبتمبر 2013

كيف لعقولنا القاصرة المحدودة أن تتصور الله تعالى

منذ أن أدرك الانسان حاجته للخالق ، بدأ يضع تصورات لهذا الخالق بناء على ما يراه من حوله من قوة وعظمة ، وما يفتقده في نفسه بسبب الضعف والحاجة ، وما يتمناه ويحتاجه في حياته من حب وعناية ورعاية وعدل وإحسان

فمن الأجيال السابقة من تصور أن الشمس أو القمر أو ما سواهما قد تكون الخالق ، ومنهم من تصور القوى العظيمة كالنار على أنها هي الله ... ومنهم من تصور الله على شكل وحش خرافي أو تركيبة من الأشياء التي حوله  كالحصان المجنح أو غيره . وفي تلك العصور (المتخلفة فكريا) انتشرت فكرة التعددية الالهية (عدة آلهة) والتخصصية (إله للحرب وإله للحب وإله للمال وإله للرعد .. ) وكانت بين هؤلاء الآلهه معارك وحروب .. وكان هناك كبير للآلهة ...  وما إلى ذلك !

وفي العصور المتقدمة .. بدأ الناس يدركون أن هناك قوى عظيمة وإن كانت بشكل خفي غير مباشر ... فمنهم من اتخذ المال والجاه والسلطان إلها، ومنهم من اتخذ إلهه هواه ، ومنهم من قال بأن الله محبة .. ومنهم من جعل الله فكرة أو مبدأ ... ومنهم من أنكر فكرة الله بشكل تام !!

على أي حال، سننتقل إلى التصور الديني لله حسب الأديان السماوية وخاصة الدين الاسلامي لأنه وبحق أرقى هذه التصورات جميعها كما سيتضح من هذا التحليل 

  1. لنبدأ بفكرة افتتاحية شاملة عامة كخط عريض في هذا التحليل وهي أن "الله تعالى ليس كمثله شيء"  فمهما قلنا ومهما تصورنا فالله سبحانه وتعالى مختلف عن أي تصور بشري قاصر ومحدود لله تعالى.  ولعل استخدام كلمة "شيء" يشير إلى التصورات المادية التي قد تخطر ببالنا مما نراه أو نسمعه أو ندركه بحواسنا وبعقلنا  للموجودات المادية من حولنا !
  2. الفكرة الثانية في تصور الله سبحانه وتعالى هو "اللا محدودية"  في الصفات والقدرات والامكانيات والأفعال ... بما فيها العلم والسمع والبصر والحكمة والكرم والعزة ... فالله تعالى من حيث المبدأ قادر على كل شيء وبشكل مطلق !
  3. الفكرة الثالثة هي فكرة "التنزيه" عن كل نقص أو عيب أو ضعف ..  وهي استثناءات منطقية للقدرة المطلقة !  قلا نقول أن الله قادر على كل شيء فهو قادر على أن ينفي عن نفسه صفة الالوهية مثلا ... أو أن يكون ضعيفا أو فقيرا أو محتاجا أو ما غير ذلك من الصفات التي لا تليق بالله يبحانه وتعالى !
  4. الفكرة الرابعة هي "الصمدية"   وهي أن الله تعالى بكينوته وصفاته كل متكامل واحد أحد صمد ..  لا يقبل التجزئة ولا التبعيض ولا التخصيص ..  فالله سبحانه وتعالى ككل متكامل قادر سميع بصير كريم قوي عزيز ...
  5. الفكرةالخامسة هي أن ما ورد في القرآن الكريم في صفات الله وعن الله هو المرجعية الأساسية لأي تصور بشري عن الله سبحانه وتعالى ...  
  6. الفكرة السادسة ..  أن القرآن الكريم عام في لفظه وفي معانيه ليصلح لكل زمان ومكان مع المرونة الكافية ليستوعب المعرفة البشرية التراكمية دون أي تناقض أو تضارب مع ما يثبت من حقائق الكون الذي نعيش فيه ، وبسبب تفسير النص العام الثابت في ضوء هذه المعرفة الانسانية المتجددة ،، تتكشف لنا ولعقولنا أبعاد جديدة في فهم النص القرآني لم تكن متوفرة لمن سبقونا في الأجيال السابقة !
  7. الفكرة السابعة .. أن القرآن الكريم جاء بلسان العرب واستخدم فنون اللغة العربية وأساليبها في إيصال المعنى المطلوب ... فهناك الجمل الخبرية المجردة .. وهناك الجمل الخبرية التي تفيد الطلب .. وهناك الجمل الخبرية التي تفيد التهي .. وهناك الأسئلة الاستفسارية .. وهناك الأسئلة الاستنكارية ... وهناك الأسئلة الاستحثاثية (الاستفزازية) لتشغيل المخ ...  وهناك التعابير المادية الحرفية ... وهناك التعابير المجازية التأويلية ... وهناك التشبيهات اللغوية والمعنوية والتصويرية التي تقرب المعاني للشيء غير المعلوم باستخدام التشبيه بشيء معلوم ...  
  8. الفكرة الثامنة هي "التكاملية"  في الأخذ بكل ما ورد في القرآن الكريم عن الله وصفات الله وأفعال الله "ككل متكامل"  دون "انتقاء" أو "اجتزاء" يخل بالمعنى الكامل المتكامل لصفات الله !
 
ومن هذا القبيل قوله تعالى  "ألله نور السماوات والأرض ((مثل)) نوره كمشكاة فيها مصباح"  ففي هذه الآية نقطتان مهمتان
  1. أن الله يقول عن نفسه أنه نور السماوات والأرض ..    مع ضرورة فهم واستيعاب كلمة "نور" مقارنة بكلمة "ضوء" على سبيل المثال ..  وفهم ما المقصود بكلمة "سماوات"  وهي جمع "سماء"  وكلمة سماء مشتقة من الفعل  "سما" أي ارتقى وارتفع .. وعلى كل حال .. فقد تكون السماوات في العلم الحديث مرادفة للكون بكل ما فيه من أجرام سماوية وكواكب وعوالم نعرفها ولا نعرفها !!
  2. أن المثل أو التمثيل المستخدم لتقريب صفة "النور" كانت باستخدام مثال مادي ملموس لظاهرة فيزيائية هي "الضوء" المنبعث من اشتعال  "الزيت" في  "مصباح "  في "زجاجة"  ...  وهذه والله أعلم "تشبيه حالة بحالة" أو "تقريب صورة بعيدة غير ملموسة باستخدام صورة أخرى معروفة وملموسة"  مع مراعاة اختلاف التفاصيل والحيثيات !!  
ولعلنا نستطيع أن نتوسع في هذا الموضوع مستقبلا !!  

ليست هناك تعليقات: