الخميس، 15 مارس 2018

الاقتتال بين المسلمين

يقول الله تعالى
وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ
ونجد أن الكثيرين يستشهدون بهذه الآية خارج سياقها .. ويسقطوها بالقوة على "الحروب والفتن بين الدول العربية والاسلامية" ويستنتجون منها أحكاما وفتاوي خاطئة وخطيرة تتجاوز حدود المشكلة التي تتحدث عنها هذه الآية !
ولهذا ... ونظرا لأهمية الموضوع، وجدنا أنه من المهم طرح فهمنا الشخصي ورؤيتنا لهذا الموضوع، مع الاقرار مسبقا أن رأينا مجرد اجتهاد مبني على فهم محدد للآية،، وهوبطبيعة الحال رأي قابل للصواب والخطأ !
مفتاح هذا الفهم وركنه الأساسي أن الآية تقول  "فأصلحوا بينهما" .. فلمن الخطاب ؟
والآية الكريمة تتخدث عن طرفين (طائفتين) من المؤمنين تورطتا في عملية "اقتتال" .. والآية تحدثت عن هاتين الطائفتين بلهجة الغائب، بينما الأمر بالاصلاح جاء بلهجة المخاطب .. وهذا هو الطرف الثالث .. وهوطرف محايد وليس طرفا في عملية الاقتتال !
فمن هذا الطرف الثالث ؟
نحن نقول أن هذا الطرف الثالث هو جماعة المسلمين ،،  وهم الأغلبية والأكثرية .. وقد يكونون الدولة والحكومة والسلطة !
لماذا نقول ذلك؟
لأن هذا الطرف الثالث بيده محاولة الاصلاح بين الطائفتين المقتتلتين، وبيده أيضا محاربة الطائفة أو الفئة التي تبغي على الأخرى . فمن هم إن لم يكونوا الأغلبية والأكثرية ومن بيدهم السلطة والقوة ؟
وماذا عن الطائفتين ؟
من المنطقي أن هاتين الطائفتين ضمن هذا السياق وأنهما خارج الأكثرية أن يكونا جماغتين أو فئتين محدودتي العدد (عائلتين، عشيرتين، حارتين أو حيين سكنيين، منطقتين، قريتين، ... )  .. ولا تكون إحداهما الدولة أو السلطة والا لاختلف  توصيف الوضع كاملا .. خارج سياق ومفهوم الآية الكريمة !
وماذا عن الاقتتال ؟
الآية تتحدث عن اقتتال جماعتين ضمن مجتمع مسلم مسالم موحد، وليس صراعا مسلحا على أسس سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، وليس ثورة أو تمردا على السلطة، وليس حربا عسكرية بين دولتين مستقلتين سياسيا !!   فهذه كلها حالات لها توصيفها الخاص بها ولها حكمها المختلف عن اقتتال الطائفتين ضمن المجتمع المسلم الواحد  !!
ولهذا، فإن هذا الاقتتال هو أقرب ما يكون إلى "الطوشة" أو "الاشتباك بالأيدي" وربما باستخدام العصي والهراوات والحجارة ، وربما الأدوات الحادة (من غير أدوات القتل المعروفة والمعدودة ضمن أدوات القتل)  .. وهذا الاقتتال غالبا ما يكون على خلفية خلافات شخصية، أو عصبيات قبلية وعشائرية أو عادات مجتمعية كالتار والانتقام .. وما إلى ذلك !!
وفي فهمنا أيضا، أن هذا الاقتتال لا يصل إلى تحريك الجيوش وشن الحروب واستخدام الأسلحة الثقيلة والصواريخ والمدفعية والمتفحرات والطائرات وغيرها ،،، فهذه كلها حالات وأوضاع أخرى لها توصيفها المختلف أيضا !
هذا والله أعلم !


ليست هناك تعليقات: