الأحد، 1 مايو 2011

الوسطية ليست وسطا حسابيا وليست وسيطا مكانيا

هناك الكثير الكثير مما يقال عن وسطية الإسلام ولكن بشكل مشوه لا يعكس المعنى الحقيقي لهذه الوسطية

البعض يفهم الوسطية كما  لو كانت الوسط الحسابي لقيمتين فعلى سبيل المثال الوسطية في معدل درجات الحرارة في العالم حيث ينظر إلى منطقتنا كمنطقة معتدلة الحرارة والطقس قياسا بالمناطق الحارة جدا والمناطق الباردة جدا !  ومنهم من ينظر إلى الوسطية من ناحية جغرافية حيث أن منطقتنا تأتي في الوسط بين الشرق والغرب ...  وهذا كلام جميل قد ينطبق جغرافيا وفيزيائيا ولكنه كلام زائف ومبني على المغالطة حين  يأتي الكلام عن وسطية الاسلام لأن الاسلام  ليس محصورا في رقعة جغرافية محددة حيث يمكن أن يكون هناك مسلمون في أقاصي الشرق والغرب وفي المناطق الحارة والمتجمدة أيضا

البعض الآخر يفهم وسطية الاسلام في الناحية العقائدية  فيقول أن الاسلام حالة وسط بين الرأسمالية والاشتراكية ، أو أنها حالة وسط بين الملكية أو الجمهورية ، أو بين الدكتاتورية والديموقراطية ...  وهذا الكلام وإن كان يحتوي بعض الإيجابيات إلا أنه يحتوي بعض المحاذير أيضا .. وكأن الاسلام ووسطية الاسلام يمكن أن تكون حالة "البين البين" طيلة الوقت ، وموقف اللا موقف ، وانعدام اللون والطعم والرائحة وغيرها من الخواص المميزة لكل شيء في عالمنا هذا 
  • هل الوسطية تعني  الوسط بين الخير والشر ؟
  • هل الوسطية تعني الوسط بين الإيمان والكفر ؟
  • هل الوسطية نعني الوسط بين العز والذل ؟ 
  • هل الوسطية تعني الوسط بين الشجاعة والجبن ؟
  • هل الوسطية تعني الوسط بين البخل والكرم ؟
 الجواب واضح ، وإذن فلننس فكرة الوسط الحسابي والوسيط المكاني والجغرافي ، فليس هذا المقصود بوسطية الإسلام 
ولننظر إلى الموضوع من زاوية أخرى ...
  • هل لاحظتم أين يجلس زعيم القوم وأكثرهم مكانة في قومه ؟   هل يجلس في الوسط ؟ أم في الطرف ؟
  • ما صفات الخرزة التي توضع في وسط العقد ؟ أليست أكبرها وأجملها وأكثرها تميزا ؟
إذن الوسطية تعني الخيرية وتعني الأفضلية وتعني التميز  ..  ولا تعني الحيادية والسلبية وميوعة المواقف واللا مبالاة ، كما أنها لا تعني الرضى والقناعة بالوسط الحسابي ولا الوسيط المكاني بين ماهو جيد وما هو سيء .. بل إنها تعني أن نكون الأقضل 

وهناك أيضا من يحاولون أن يسوقوا وسطية الإسلام على أنها نقيض التطرف الفكري والعقائدي وأنها رفض للعنف ..  وخلطوا المفاهيم في هذا السياق فجعلوا الايمان تطرفا والجهاد إرهابا ومقاومة المحتل والاحتلال  خروجا على الطبيعة السلمية للإسلام ...  ففتحوا بوعي أو دون وعي بابا للذل والروح الانهزامية والعقلية الاستسلامية ... وكل هذا تحت مسمى وسطية الاسلام  ...  والاسلام ووسطيته براء من كل هذا التزييف والدس والخداع

وسطية الاسلام في روحها وأصالتها تعني التميز والتقدم والسعي للأفضل وعدم الاكتفاء بما هو متاح ، وهذه الوسطية تعني الخيرية والقيادة الواعية والقدوة الصالحة داخليا وخارجيا ، وهذه الوسطية تعني الحق والجمال والشجاعة والكرم وعزة النفس ... وبهذا لا نكون واسطة العقد ... بل واسطة الأمم ونحتل في وسطها مكانا مميزا نستحقه بروحنا وعملنا وصدق نوايانا  

ليست هناك تعليقات: