الأحد، 17 يونيو 2012

العوالم المتوازية والمتزامنة

الكل يعرف عالمنا (عالم الشهادة) الذي نعيش فيه وندرك أجزاء منه هنا وهناك، وهذه أيضا الدار الدنيا التي نعيش فيها حياتنا وأعمارنا المقدرة لنا من لحظة مجيئنا إلى الدنيا وإلى لحظة مغادرتها . وفي المقابل فهناك الدار الآخرة التي إليها مآلنا شئنا أم أبينا في جوار الله (بعد أن نعيش حياتنا ونستنفذ رصيدنا من أيامها وساعاتها ولحظاتها) وهناك في الدار الآخرة حساب فثواب أو عقاب إما إلى الجنة أو إلى النار !

هذا كله معروف لدينا إما بالمشاهدة والإحساس المادي أو بالإدراك العقلي والمنطقي ، أو بأخبار الغيب أتتنا من الله تعالى عن طريق رسوله من خلال الوحي وبواسطة القرآن الكريم، فهذه أمور راسخة لدينا كمسلمين/مؤمنين عن الدنيا والآخرة و عن "عالم الشهادة" الذي نشهده ونعيش فيه و "عالم الغيب" المغيب عن حواسنا وعقولنا وإدراكنا

فهل هذا كل شيء ؟

بالتأكيد لا .. فما بين الدنيا والآخرة .. هناك ما يسمى "عالم البرزخ" ينتقل إليه موتانا كمرحلة انتقالية مؤقتة بين عالمي الدنيا والآخرة .. وهو عالم يمتد لكل شخص من لحظة موته إلى يوم القيامة ... كالت هذه المدة أو قصرت !!

و "عالم البرزخ" جزء منه يقع في عالم المشاهدة وهو جسد الميت لحظة خروج الروح، وتجهيز الميت للدفن، والجنازة والقبر ، والتأبين ، والتلقين وبيوت العزاء ... أما الجزء الذي لا نشاهده ولا نعرفه بالتأكيد فهو ذلك الجزء الخفي في عالم الغيب فيما يتعلق بالروح وعالم الأرواح .. أللهم إلا ما ثبت بالنص الديني نأخذه يقينا إيمانيا حتى وإن لم تستشعره حواسنا ولم تقتنع به عقولنا

ومرة أخرى ... هل هذا كل شيء ؟

بالتأكيد لا .. فهناك "عالم الجن" و "عالم الملائكة" ممن يجاوروننا ويعيشون معنا بل ويجلسون بيننا ويؤثرون فينا ويتأثرون بنا ... ضمن ما ورد في النصوص الدينية الثابتة من قرآن وحديث . وهذه العوالم الثلاثة "عالم الإنس" و "عالم الجن" و "عالم الملائكة" هي ثلاث عوالم متوازية ومتزامنة نشهد منها عالما واحدا وهو عالم الإنس في عالم الشهادة، و غيب عنا العالمان الآخران المتعلقان بالجن والملائكة ... إلا من خلال استثناءات محدودة حدثنا عنها القرآن الكريم ومنها 
(1) نزول الملائكة بالوحي على الأنبياء في صور مختلفة ..
(2) تسخير الجن لسليمان عليه السلام ،،، 
 (3) استماع الجن للقرآن الكريم من النبي محمد عليه الصلاة والسلام ... وما إلى ذلك !!

ومرة أخرى وأخيرة .. هل هذا كل شيء ؟

ومرة أخرى يأتي الجواب .. بالتأكيد لا .. فمثلما هناك عوالم متوازية ومتزامنه، هناك عوالم متوازية وغير متزامنة .. وتختلف فيها قياسات الزمن والمسافات والأشياء ... وفي هذا إشارات عديدة لمن أراد أن يستكشف الموضوع.

وأذكر هنا شيئان محددان للدلالة على ما أقول دون الإسهاب والتفصيل .

1- قصة الإسراء والمعراج : والبراق الذي كان وسيلة اختراق الفجوة بين عالم الشهادة الكوني الحسي الذي نعرفه بكواكبه ومجراته .. إلى عالم موازي هو عالم السماوات السبعة في عالم الغيب ,, وما ورد في هذا الحديث يدل دلالة واضحة على العوالم غير المتزامنة من حيث عينات العذاب التي نقع على العصاة ، مع أنه -- وانتبهوا جيدا -- لا عقاب بلا حساب ... والحساب لم يأت بعد لأن الحساب يوم الحساب ... أرجو أن تكون النقطة واضحة لفهم موضوع العوالم المتوازية غير المتزامنة

2- اختلاف المقاييس الزمانية والمكانية :  حينما يتكلم الله تعالى عن يوم كان مقداره 50 ألف سنة .. وما إلى ذلك من إشارات تتعلق بالقياسات حينما يذكر التبي عليه الصلاة والسلام أن ضرس الكافر في نار جهنم يكون كجبل أحد !! وهذه أمور غيبية أيضا قد تعجز عقولنا عن فهمها واستيعابها ولكننا نصدقها ونؤمن بها لأننا كمؤمنين مطالبون بالإيمان بالغيب !

أرجو أن يكون في هذا الموضوع بعض الفائدة .. وأرجو أن لا أكون قد أثقلت عليكم
والله الموفق إلى كل ما فيه خير لنا في الدنيا والآخرة

ليست هناك تعليقات: