السبت، 27 أكتوبر 2012

سؤال بريء  .... " من وين الأخ بلا صغرة ؟"

في الظاهر .. السؤال بريء وعادي ومتداول  في مجتمعنا ، وكثيرا ما نجاوب عليه بكل براءة ونقول نحن من هنا أو من هناك من شرقي النهر أو غربيه، من شمال الوطن أو من جنوبه، من هذه المدينة أو تلك، أو من هذه العشيرة أو تلك القبيلة !

ولكن ... هل السؤال حقا بريء ؟؟  وهل هو "دائما" بريء كما يبدو في ظاهره ؟؟؟

وبعيدا عن السطحية والسذاجة، فنحن نعرف أن هذا السؤال ليس بريئا في كثير من الأحوال.  ومن صيغة السؤال قد نقول أن هناك أحيانا نية مبيتة "للتصغير" و "الصغار"  (الذل) إن لم يكن جوابك قويا بشكل كافي لحمايتك من أي هجوم تصغيري إذلالي ... وإن لم يكن الهجوم فوريا ومباشرا عليك فقد يكون مادة وحجة للهجوم عليك فيما بعد ..

ومما يدعم هذا السياق غير البريء لهذا السؤال أنه يطرح عادة في توقيت أو في ظرف مشبوه،  فإن كنت في نقاش ما وأبديت وجهة نظر غريبة أو مستهجنة بالنسبة للطرف المقابل، فإنه يبادرك بهذا السؤال، وكأنه يقول لك ... "من أنت ؟  وبأي صفة وبأي حق تقول كذا وكذا ؟"

وعلى فكرة فالموضوع ليس موضوع فلسطيني -أردني بالضرورة ، ولا موضوع مسلم - مسيحي ، ولا موضوع شمالي - جنوبي ..  وإن كانت كل هذه عناصر محتملة في مثل هذه السياقات والمواقف ..  ولكن الموضوع يمتد إلى الجانب المهني وقد عايشته أنا بصورة شخصية في سياق الخدمات الاستشارية التي أقدمها، فإن أبديت وجهة نظر (جديدة، غير مفهومة، غير مستساغة، غير مقبولة، ... ) للبعض فإنه يبادرك لنفس السؤال أو بصيغة أخرى مشتقة منه ...  و:أنه يسألك .... "من أنت ؟  وبأي صفة وبأي حق تقول كذا وتقترح كذا ؟؟ "  ومن المتوقع أن تقول له هنا وفي هذا الموقف " أنا دكتور فلان ...أنا خريج جامعة هارفارد ...  أنا حاصل على جائزة 
نوبل ...   أو ...  أنا من رئاسة الوزراء ....  أنا من الديوان الملكي ...  أنا من الجهة  الفلانية ... أنا من الشركة العلانية  ...) حتى تدرأ عن نفسك مثل هذا الهجوم المبيت ضدك  وضد آرائك .

وإن كان هناك من أي عزاء لي ولك في مثل هذا الموقف ، فإن الأنبياء والمصلحين والمجددين والمخترعين .... ووجهوا من مجتمعاتهم وبيئاتهم والناس من حولهم بما نواجهه نحن الآن ..

مش قلت لك ... ممكن واحد الأن يسألني "" من وين الأخ بلا صغرة" ؟؟


ليست هناك تعليقات: