الاثنين، 5 مارس 2018

تفاوتات المرجعية والثبوت والدلالة ما بين القرآن والحديث والسنة

نظرا لعودتنا المتكررة إلى هذه النقطة بالذات في العديد من الحوارات والنقاشات في المواضيع الجدلية الخلافية بطبيعتها، والتي تصطدم عادة بقناعات مسبقة راسخة لدى البعض حول هذه المواضيع، فقد ارتأيت أن أوضح الفرق بيي هذه الجوانب في نقاط محددة 
  1. المرجعية:  عبارة عن تسلسل هرمي متتالي يتكون من عناصر ذات قوة مرجعية مختلفة 
  2. الثبوت:  درجة التأكدمن صحة ودقة النص الوارد إلينا عبر الموروث الديني والتاريخي
  3. الدلالة:  هي درجة فهمنا واستيعابنا ووعينا للمراد من النص الديني القادم إلينا عبر الموروث الديني والتاريخي
وسنتكلم هنا عن أركان العفيدة وهي بشكل رئيسي:  القرآن الكريم و الحديث النبوي والسيرة النبويةز ومع أن هناك من المدارس الاسلامية من يتوسعون في الموضوع ويضيفون أشياء أخرى مثل سيرة الخلفاء الراشدين، وأقوال الصحابة، والاجماع والقياس .. إلا أنني شخصيا لا أرى أن هناك توافقا على هذه الأشياء لأنها من فعل واجتهادات البشر وليس لها أي قطعية دينية من أصلها !

وما أريد قوله في عجالة عن أركان العقيدة ومصادرها الثلاثة ومقارنتها بعضها ببعض من خيث المرجعية والثبوت والدلالة فهو كمت يلي 
  1. الفرأن الكريم :  كلام الله تعالى  يمثل المستوى الأعلى في الموثوقية والثبوت والمرجعية لكافة المسلمين على اختلاف مدارسهم الفكرية والمذهبية والطائفية ... أم هكذا يجب أن يكون الحال، لأنه وبدون هذه النقطة المرجعية الأساسية .. فلا يبقى هناك أي أرضية مشتركة واحدة متفق عليها بين المسلمين!
  2. القرآن الكريم : في معظمه واضح محدد المعاني والأفكار التي أراد الله أن يوصلها إلينا،  وهو هنا مخل إجماع ولا خلاف فيه أو في فهمه واستيعاب مراد الله منه (الآيات المحكمات - أم الكتاب).  ولكن هناك مواطن أخرى في القرآن الكريم ليست بنفس الدرجة من الوضوح والتحديد (أخر متشابهات) قد يفهمها الناس بأوجه مختلفة فيما بينهم 
  3. القرآن الكريمنص لغوي ثابت ذو معاتي مرنة متجددة يصلح لاستيعاب تطورالمعرفة البشرية  إلى أن تقوم الساعة .. فلا تنقضي عجائبه ولا تستنفذ معانية 
  4. القرآن الكريم: مع ثبوت قطعيته ومرجعيته المشتركة (قطعي الثبوت) يبقى في كليته ظني الدلالة ،،  وهذه النقطة يبدو أنها  نثير البعض وتستفزهم إلى أن يدافعوا عن هذا الكتاب بإنكار ظنيته في الدلالة ، ويتناسون كما يبدو اختلاف الفقهاء والمفسرين في فهم بعض آياته  
  5. القرآن الكريم:  ليس هو المصحف فالمصاحف متعددة (أو كانت كذلك) بينما القرآن واحد. والمصاحف هي الصيغة المكتوبة للقرآن الكريم، بينما القرآن هو الصيغة السمعية المقروءة كما نزل بها الوحي !! 
  6. الحديث النبوي (السنة القولية) :  هي كل ما قاله النبي وتلفظ به في شؤون الدين وبيان القرآن الكريم وتفاصيل العبادات وما إلى ذلك 
  7. السنة النبوية الفعلية : وهي كل ما فعله النبي وقام به في الواجبات الدينية الشرعية ونفذها على أرض الواقع تبيانا لمن كان معه ومن سيأتي بعده . ولعل من أهم هذه الأشياء كيفية الصلاة التي جاء الأمر بها مجملا في القرآن الكريم فكان لا بد من بيانه ونوضيحها بشكل عمليز
  8. الصحاح :  وهي كتب الحديث النبوي والسيرة النبوية التي توافق المسلمون على صحتها  .. مع ملاحظتنا الشخصية أن معظمما في الصحاح قد يكون صحيحا في نسبته إلى النبي عليه الصلاة والسلام،  ولكن ليس كل ما في الصحاح صحيح بالضرورة .!
  9. الحديث النبوي والسنة النبوية كما وصلتنا تبقى ظنية الثبوت / ظنية الدلالة  وهي في المركز الثاني من حيث المرجعية  ولهذا نرى ضرورة عدم تضارب هذه المرويات مع ثوابت الدين وآيات القرآن الكريم وما يتناقض مع الخقائق العلمية الراسخة، وما يحصل فيه التضارب فيما بينه وما يقع في مغالكات منطقية واضحة لا فكاك منها !
  10. أقوال الصحابة والتابعين والخلفاء الراشدين ومن جاء بعدهم وأفعالهم ليس لها أي مرجعية دينية ولا يحتج بها علينا وإنما هي اجتهادات بشرية قد تصيب وقد تخطئ .. فنحن نطلع عليها ونستأنس بها فقط وتبقى غير ملزمة لنا دينا وشرعا !
ملاحظة أخيرة حول غربلة الموروث وتنقيته:  وخاصة بما يتعلق بالحديث النبوي ، فقد كانت هناك مرحلة أولى لهذه الغربلة قامت على السند والرواية وعلم الرجال والجرح والتعديل ... إلخ.  ومن الملاحظ أيضا أنه لم يتوفر للموروث التاريخي نفس الآلية ،، ولهذا نرى إمكانية الوضع والتزييف وتزوير الخقائق التاريخية أكبر بكثير من التلاعب بالحديث النبوي ،  ففي التاريخ هناك مجال كبير للتلاعب بالحقائق وخاصة في المواضيع الخلافية الجدلية (مثل الفتن والحروب الداخلية) والتي تعد مجالا خصبا للهوى الشخصي والتعصب والعاطفة غير المتزنة  !

ولهذا ..  نحن نرى ضرورة ملحة لمرحلة ثانية من هذه الغربلة تقوم على المتن والمحتوى والمضمون .. ويتم فيها جمع وتصنيف وترتيب هذا الموروث وإخضاعه لعملية تحليل شمولية موضوعية تكشف الاختلافات والتضاربات والتناقضات التي لم تتمكن منها المرحلة الأولى من غربلة الموروث 

ليست هناك تعليقات: