الخميس، 11 يوليو 2019

التعامل مع ليلة القدر بمنطق اليانصيب والجائزة الكبرى


مشايخنا حفظهم الله ورعاهم يركزون على ضرورة تحري ليلة القدر وقيامها للفوز بصلاة وعبادة 83 عاما (ألف شهر) من خلال صيد أو تصيد هذه الليلة والقيام بصلاة التراويح فيها ( تستغرق ساعة تقريبا بعد صلاة العشاء) وصلاة التهجد (قيام الليل) تستغرق ساعة أو ساعة ونصف بعد منتصف الليل وقبل الفجر
فإذا كنت محظوظا وأصبت هذه الليلة ... فقد فزت بما يعادل صلاة أو عبادة 83 عاما بالتمام والكمال !!
ولا أدري لماذا يساورني هذا الشعور بعدم الارتياح للتعامل مع ليلة القدر بهذه العقلية الانتهازية الحسابية مثل بطاقة اليانصيب والجائزة الكبرى لهذا اليانصيب !
أما موضوع تحديد ليلة القدر .. فعلى الرغم من الانطباع (العرف السائد) لدى عامة الناس بأنها ليلة 27 من رمضان، فإن مشايخنا حفظهم الله ورعاهم لم يقصروا في تبيان أن ليلة القدر يمكن أن تكون أي ليلة وتر (فردية) من الليالي العشر الأخيرة في رمضان
وهكذا .. نعود إلى عقلية بطاقة اليانصيب والجائزة الكبرى .. فلكي تضمن أنك ستصيب ليلة القدر وتفوز بالجائزة الكبرى فما عليك إلا شراء 5 بطاقات يانصيب ليلة 21 ، 23 ، 25 ، 27 ، 29 ... وبهذا ستضمن أنك أصبت ليلة القدر وفزت بالجائزة الكبرى
ومرة أخرى .. أنا لا أشعر بالارتياح لهذه العقلية ولا لهذه الطريقة في التعامل مع موضوع ليلة القدر .. حيث يميل البعض (الأكثرية) إلى التراخي عن العبادة في الليالي الزوجية من الليالي العشر الأخيرة من رمضان على أساس أن ليلة القدر لا يمكن أن تكون فيها .. بل وقد يقوم البعض (الأكثرية) بحصر عبادتهم الخاصة الاضافية فقط لخمسة ليالي التي يمكن أن تكون فيها ليلة القدر ويفوزوا بأجر ال 83 عام من العبادة ... وما في داعي لليالي رمضان ال 25 الأخيرة ... لأنه 25 يوم لا تعد شيئا في حساباتهم قياسا ب 83 عاما يضمنوا الحصول عليها من قيام 5 ليالي فقط
والموضوع لا ينتهي هنا ... فنحن لا ننسى أن العالم العربي والاسلامي نادرا ما يتفق على بداية شهر رمضان .. مما يؤدي عند البعض إلى أن ما يعتبر ليالي فردية عندهم ، يكون ليالي زوجية عند غيرهم .. يعني بتتلخبط الحسبة كلها من أساسها بسبب قرار سياسي أو اجتهادي لهذه الدولة أو تلك متى يبدأ شهر رمضان
وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالتعرف على ليلة القدر بالنظر إلى الشمس عند شروقها في صباح اليوم التالي فإذا لم يكن لها شعاع يؤذي العين فهي ليلة القدر (!!!) ولا أدري هل ليلة القدر بناء على هذا الكلام هي ظاهرة جغرافية فلكية علمية ؟ أم ليلة مباركة نزل فيها القرآن الكريم ؟؟
وإذا قال البعض (كما يقولون الآن لشهر رمضان الحالي) أن ليلة القدر هي 23 رمضان ... فهل يستمرون في تحريها في 25 و 27 و 29 الليالي الوتر الباقية من رمضان .. حتى وإن صار محسوما في نظرهم أن ليلة القدر جاءت في 23 من رمضان ؟
وعلى كل حال ... وحتى لا يتهمني أحد بأنني أخترع شيئا من عندي أحيلكم إلى حديث السيدة عائشة رضي الله عنها حين سألت النبي عليه الصلاة والسلام ماذا تعمل إذا وافقت ليلة القدر ؟؟؟
فهل قال لها قومي الليل ؟؟ وهل قال لها عليها بصلاة خاصة إضافية في أول الليل أو في آخره ؟؟ وهل قال لها أن هذا يعطيها أجر ألف شهر أو 83 عاما من العبادة ؟؟
قال لها عليه الصلاةوالسلام كما في الحديث المشهور .. "قولي أللهم إنك عفو تحب العفو ، فاعف عني"
وهذا لا ينفي أن يقوم الناس بصلاة قيام الليل في رمضان وغير رمضان .. فهذه صلاة مأمور بها في القرآن الكريم .. وبدون عقلية اليانصيب والجائزة الكبرى
والله أعلم !!

ليست هناك تعليقات: