الثلاثاء، 29 أكتوبر 2019

هل المصلون فعلا مصلون بما تعنيه كلمة صلاة حقيقة ؟

والذين هم على صلاتهم يحافظون
المحافظة على الصلاة أكبر بكثير من الصلاة في وقتها !!
فكم من المصلين يحافظون فعلا على صلاتهم ؟
يذكرني هذا الموضوع بالصيام ... فكم من الصائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش ! وكم من المصلين لم تزدهم صلاتهم من الله إلا بعدا ... وكم من المصلين توعدهم الله بالويل إن لم يحافظوا على صلاتهم .. بالمعنى الحقيقي للمحافظة على الصلاة !!!
وخلافا للشائع في أفهام العامة أن المحافظة على الصلاة هي الصلاة في وقتها ... أو في أول وقتها ,, أو تأديتها جماعة ... أو في المسجد .. إلخ إلخ ، فإن الباحث في آيات القرآن الكريم والذي يفسر الآيات في سياق السورة وضمن تسلسل الآيات وفي السياق القرآني ككل سيدرك أن المقصود بالمحافظة على الصلاة أكبر من ذلك بكثير !!
وأعود إلى السورة التي وردت فيها هذه الآية وهي سورة (المؤمنون) - وليس المسلمون -
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8)﴾
وقال تعالى بعد ذلك:
﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)
ونحن نعرف أن القرآن الكريم دقيق في تعبيره ودقيق في تسلسل آياته أيضا ... ومن هذا الباب نلاحظ ما يلي
  1. الذين هم في صلاتهم خاشعون ... فهذا وصف حال للصلاة نفسها واتسامها بسمة الخشوع ...زالخشوع هو سكون الجسد واستيعاب الذهن ورضوخ الارادة .. ويترتب على ذلك انعكاس الصلاة على التصرفات في الحياة العامة بما يشمل الاعراض عن اللغو وتأدية الزكاة والمحافظة على العفة ومراعاة الأمانة .. مع ملاحظة صيغة التعميم في هذه الآيات والتي تعني الشمولية والتي تتطلب ربطا بينها وبين الأماكن الآخرى في القرآن الكريم المتعلقة بهذه الصفات
  2. والذين هم على صلواتهم يحافظون ... وهي تأتي في التسلسل المنطقي والسياقي بعد مل ما ورد أعلاه .. أي أن المقصود بهذه الآية والمستهدف منها هي فئة المصلين الذين خشعوا في صلاتهم ... ومطالبتهم بالمحافظة عليها ..

أما النقطة الثانية في هذه الآية فهي إيراد كلمة صلاة بصيغة الجمع (صلواتهم) ، بينما وردت في الآية الأولى بصيغة المفرد (صلاتهم) .. فالمطلوب هوالمحافظة على الصلوات بشكل عام وليس على الصلاة بحالتها الفردية وما هو مطلوب فيها وأثناء تأديتها !!
ولعل موضعا آخر في القرآن الكريم حول حقيقة الصلاة يصيغته الصادمة يلقي بضوئه على المعنى المقصود بالمحافظة على الصلاة
فويل للمصلين ... (إذن هم مصلون مؤدون للصلاة بشكلها الصحيح وفي وقتها وضمن شروطها) ولكن ..
الذين هم عن صلاتهم ساهون ... .. وخلافا لما يقوله البعض أن السهو عن الصلاة هو السهو عن أدائها ... فهذا غير صحيح وهو يتناقض مع الآية السابقة التي تقر أنهم مصلون أي أنهم أدوا الصلاة ..
فما هو المقصود بالسهو ؟
الآيات اللاحقة توضح المقصود
  • الذين هم يراءون ... وهذه الصفة (صفة المراآة والنفاق بكل أشكاله) صفة ذميمة تتناقض مع الصلاة والمطلوب منها أن تنعكس على صفات وتصرفات المؤمنين
  • ويمنعون الماعون .. فهم يبخلون بالطعام ولا يقدمونه للفقراء خاصة في أوقات الشدة والقحط والجوع والمجاعات العالمية وما إلى ذلك .. والطعام يأتي في المرتبة الثالثة من ضروريات الحياة بعد الهواء والماء

هذا ومن الله التوفيق
والله أعلم ! 

ليست هناك تعليقات: