الأحد، 16 ديسمبر 2012

رقم 3 ... الحد الأدنى للاستقرار والثبات الذاتي

رقم 3 ...  الحد الأدنى للاستقرار  والثبات الذاتي

من دروس الفيزياء والميكانيكا والتجربة والمشاهدة والملاحظة الشخصية، عرفنا منذ صغرنا أن الرقم 3 يتميز بأنه الحد الأدنى للاستقرار والثبات الذاتي (كما هو الحال في الدراجة الهوائية ذات العجلات الثلاثة أو التربيزة التي تستقر على 3 أرجل ) وليس الثبات والاستقرار بمؤثر خارجي أو قوة خارجية (كما هو الحال مع الدراجة الهوائية ذات العجلين على سبيل المثال)

وقد رأينا في الأنظمة الأكثر تطورا في الصناعة وعمليات الانتاج والإدارة الناجحة أن النجاح يأتي من 3 عناصر تتكامل فيما بينها ، وتتناسق في أدائها، ولا تتضارب فيما بينها، ولا تحاول إحداها الاستحواذ على غيرها ولا احتوائها ولا إلغائها .. وهذه العناصر الثلاثة هي : -

1-  عملية تحديد الهدف أو الغاية أو النتيجة المطلوبة من الجهاز أو النظام أو الآله أو العملية الادارية

2-   العملية التنفيذية لمحاول الوصول إلى الهدف/الغاية/النتيجة المطلوبة

3-   عملية تقييم الأداء وتقويمه وتصويبه ودعمه للوصول إلى نتائج فعلية تقارب الأهداف الموضوعة إلى أقصى درجة ممكنة

ومن المعروف أيضا أن لكل عملية أدواتها ومنهجياتها وميكانيكياتها وإجراءاتها من جهاز تسخين الماء البسيط أو جهاز التكييف إلى محطات الكهرباء والمصانع إلى الأنظمة الادارية والسياسية

ولعل من ينظر فيهذا النموذج ويستوعبه تماما يدرك ما هو المقصود من الشعار المرفوع حول "ضرورة الفصل بين السلطات الثلاثة" للوصول إلى الأداء الأفضل على مستوى المنظومة ...  مع الإدراك والاستيعاب والقبول أن "الفصل" بين هذه السلطات لا يعني تضاربها وتنقضها ومحاولة إحداها التغول على غيرها .. وما إلى ذلك من ممارسات خاطئة تقود إلى تدهور الأداء وربما انهيار المنظومة ككل !!

وعودا إلى بدء ، فإن النظام أو المنظومة التي تستند على 3 أرجل أو 3 عجلات  تشكل الحد الأدنى للثبات والاستقرار الذاتي والتقدم المضطرد إلى الأمام بشرط أن تكون الأرجل أو العجلات الثلاثة متكافئة ومتخصصة ومنفصلة عن بعضها ولكنها متعاونة فيما بينها لحمل المنظومة وتثبيتها واستقرارها

وفي سياق الحديث عن السلطات الثلاثة واستقلاليتها، فنحن لا نأتي ببدع من القول إذا قلنا أن التجربة الانسانية البشرية وصلت إلى هذا النموذج الأمثل

1-  السلطة التشريعية :: وهي وكما يخبرنا إسمها معنية بالتشريع وسن القوانين والضوابط والمرجعيات والأهداف والغايات والنتائج المطلوبة على مستوى عالي لكي تستأنس بها السلطة التنفيذية في ادائها لواجباتها

2-  السلطة التنفيذية :  وهي وكما يخبرنا إسمها معنية بالتنفيذ في كافة المجالات للوصول (محاولة الوصول) إلى الأهداف والغايات المطلوبة ضمن الضوابط والمرجعيات الموضوعة

3-  السلطة القضائية:   وهي السلطة التي يحق لها أن تقاضي السلطة التنفيدية وتقوم/تصحح الأداء بناء على النتائج والمسلكيات المتبعة ومدى انضباطها وحوكمتها !

والفصل بين السلطات الثلاثة يعني استقلالا إداريا تاما واستقلالا ماليا للسلطات الثلاثة، وأن يكون رؤساء هذه السلطات الثلاثة على قدم المساواة من حيث المبدأ كما هي أرجل التربيزة أو عجلات الدراجة الهوائية المستقرة والثابتة ذاتيا !!

وفي ضوء هذا الكلام .. فأنا أطرح بعض الأسئلة عن بعض الأوضاع ومدى صوابيتها وخطأها في ضوء الممارسات المثلى الآتية إلينا من أفضل الممارسات

أولا :-   هل من المعقول أو المقبول أن تكون السلطة التشريعية الممثلة في برلماناتنا وأعياننا ومجالس الشورى ومجالس الشعب ... (تعددت الأسماء والحقيقة المرة واحدة) أجسام عقيمة مخصية لا تتعدى كونها ديكورات أو ممثلين كمبارس للسلطة التنفيذية، يتم استدعائهم إلى بيت الطاعة عندما تشاء السلطة التنفيذية ل "يبصموا" على قرارات اتخذت مسبقا من قبل السلطة التنفيذية ؟

ثانيا:-   هل من المقبول أن تكون السلطة القضائية ممثلة في وزارة  ووزير تحت المظلة الادارية والمالية للسلطة التنفيذية ؟؟؟  وهل يستطيع وزير العدل أن يقاضي أو يحاكم رئيس الوزراء ضمن هذه التركيبة ؟؟

ثالثا :-   هل من المقبول أن تعمل السلطة التنفيذية بدون أطر مرجعية انضباطية مسلكية ؟؟ ودون أهداف محددة متوافق عليها لتحاول الوصول إليها  على كافة المحاور والمستويات ؟؟  ودون أي تصور كيف وعلى أي أساس يمكن تقييم أداء هذه السلطة التنفيذية ؟؟

ولنتذكر أنني أتكلم بالصورة العامة والنموذج الأفضل والممارسات الأكثر نجاحا وفاعلية على مستوى التجربة الانسانية البشرية ليس فقط في الحكم والسياسة ، وإنما ينطبق هذا الكلام على الإدارة والصناعة والأجهزة وحتى في أجسامنا وحواسنا وأجهزتنا الحيوية للحركة والرؤية والسمع والإدراك والتوافق العضلي العصبي وضبط درجة حرارة الجسم  ... والكثير الكثير مما هو حولنا وأمام أعيننا

والله الموفق لكل ما فيه الخير لنا جميعا !!

ليست هناك تعليقات: