الأربعاء، 15 مايو 2013

علاقة القرآن (كلام الله) بالسنة (كلام رسول الله)

من الواضح أن هناك عدة مدارس (اتجاهات فكرية) لشرح العلاقة بين الكتاب والسنة ... 

1- مدرسة تقول يكفينا كتاب الله وهي تستند على أساسين .. (أ) أن القرآن (فقط) محفوظ بحفظ الله من الدس والتزوير والزيادة والنقص والتحريف ... بينما كلام رسول الله دخل عليه الكثير من هذا (ب) أن القرآن فيه "تبيان لكل شيء" و لم يفرط الله في شيء في هذا الكتاب ... أليس كذلك ؟

2- مدرسة تقول أنه لا بد من كلام رسول الله (السنة النبوية) لتبيان ما جاء مجملا في آيات الذكر الحكيم .. ومنها مثلا كيفية الصلاة والصوم والحج وسائر العبادات .. 

3- وهناك من يقولون أن السيرة النبوية جاءت "مكملة" لكتاب الله ... وأنا شخصيا أتحفظ على هذا الوصف لأنه يتضمن معنى سلبي وهو إلحاق صفة "النقص" بكتاب الله وكلماته !! فإن "التكميل" يعني لغة إضافة ما لشي ينقصه هذا الشيء ,,, ليصير كاملا مكتملا ... وأعوذ بالله من أن يتجرأ أي شخص على الذهاب إلى هذا المعنى !

4- هناك أيضا مدرسة فكرية تركز على سند الحديث وروايته ورواته .. فإن صح سند الحديث (حسب ضوابط علم الحديث) وجب الأخذ به (المتن أو النص) كما هو دون أدنى تفكير ، بل يقول البعض أنه يحرم حتى التفكير بنص الحديث أو متنه ,.. ويجب تعطيل العقل تماما والانصياع التام لنص الحديث على أساس أنه لا يحل ولا يحق لمسلم أن يرد أي كلام وارد عن رسول الله !! 

وهنا ، لدينا مشكلة أن "ضوابط علم الحديث" مهما بلغت فهي اجتهادات بشرية لا تصل إلى درجة الكمال .. ولا تصل نتائجها إلى درجة اليقين المطلق بصحة هذا الحديث أو ذاك .. ولعل ما يرد إلينا من مصطلحات "حديث صحيح" و "حديث موضوع" و "حديث ضعيف" و "حديث آحاد" و "حديث متواتر" و "صححه فلان" و "ضعفه فلان" تثبت هذه النقطة !

5- وهناك أخيرا مدرسة تقول أن السنة النبوية الصحيحة (قول أو عمل إقرار) لا يمكن لها أن تتناقض مع القرآن الكريم بأي حال من الأحوال، ولهذا فلا بد من عرض نص الحديث ومضمونه على القرآن الكريم فإن تناقض معه ، رمينا به وراء ظهورنا ولا نبالي ولا يهمنا في هذه الحالة سند الحديث ورواته ودرجته ... وعلى الأعلب فإن مثل هذا الكلام ليس بحديث نبوي ... لأنه لا يجوز للنبي عليه الصلاة والسلام أن يناقض كلام الله تعالى !

وهناك حديث نبوي بهذا المعنى "إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله ... " وصحيح أن الكثيرين ضعفوا هذا الحديث .. ولكن إذا كان الموضوع نفسه هو وضع منهجية للتوثق من صحة الأحاديث .. فكيف نقبل بهذا التضعيف ؟؟ ألسنا ندور في حلقة مفرغة ؟؟

ملاحظة أخيرة ...

فقد لاحظت أن هناك ميلا شديدا إلى السنة النبوية على حساب القرآن الكريم .. بل وهناك ميل كبير أيضا إلى "فلان" و "علان" من علماء المسلمين المتقدمين والمتأخرين على حساب كلام الله ونبيه .. وبالتفكير في هذه الظاهرة فقد وصلت إلى عدة أسباب ممكنة لهذه الظاهرة 

1- التفصيل في الأحاديث النبوية (وفي أقوال العلماء) يجعلها أكثر تحديدا وأكثر قابلية للتطبيق والعمل بها من لآيات القرآن الكريم المجملة العامة 

2- وجود تنوع وتفاوت في الأحاديث النبوية الواردة في نفس الموضوع وفي نفس النقطة أحيانا ، يترك درجة من المرونة يميل إليها العلماء والعامة حسب نمط تفكيرهم ما بين التشدد والتحوط من ناحية وما بين التوسيع والتيسير من الناحية الأخرى !

3- العقلية البشرية بطبيعتها عقلية كسولة تحب الخلاصات الجاهزة والأحكام المسبقة الواردة ممن يثقون بهم من أهل الاختصاص .. ولعل آيات الحث على التفكير والتفكر والعقل والتعقل والفهم والفقه ... أتت من هذا الباب لإخراج العقل البشري من حالة الكسل هذه إلى حالة العمل !! 

ألا ترى معي أن الطالب الكسول يكتفي بمحاضرات الأستاذ والدوسيات ... ومنهم من لا يفتح الكتاب المقرر إطلاقا ؟؟؟ مع العلم أنه يستحيل أن تتطابق المحاضرات مع الكتاب المقرر .. واحتمال الخطأ في المحاضرات (إما من الأستاذ نفسه أو من النقل) أعلى بكثير من إحتمالات الخطأ في الكتاب المقرر ؟؟ 

4- البشر عموما لا يخلون من الهوى الشخصي والميل إلى شيء على حساب شيء آخر والانحياز لرأي ضد رأي ولشخص ضد شحص ولفكرة ضد فكرة ... وتنوع الحديث وتفاوته وتضاربه أحيانا والدس عليه والكذب على رسول الله يترك مجالا "للانتقائية والاجتزاء" لهؤلاء ليختاروا ما يوافق هواهم ويلبي عليهم إبليس أن هذا هو الحق ! 

هذا والله أعلم 

ليست هناك تعليقات: