السبت، 7 مايو 2022

 أين الله ؟

سؤال خطير ... ويتم التعامل معه في كثير من الأحيان بسطحية وبساطة تبلغ حد السخافة والهبل أحيانا 

أين الله ؟

والجواب الذي تسمعه عادة أن الله موجود في كل مكان (وبالتأكيد في كل زمان)  .. وهذا الجواب ملغوم ومضلل ويقود إلى استنتاجات محرجة وتساؤلات أكثر إحراجا ..  تأتي عادة من الملحدين أو من الأطفال الصغار أو من بسطاء العقول 

هل الله موجود هنا وهناك وهناك وهناك في نفس الوقت ؟ 

وهل المقصود به الوجود المكاني (إشغال الحيز) .. وهنا نكون قد ورطنا أنفسنا في شبهة التجسيم والتحديد ... ونحن نقول أن الله سبحانه وتعالى منزه عن التجسيم ومن أن يكون له حدود 

ويأتيك من يتحدى بالقول انطلاقا من أن الله موجود في كل مكان .. فهو عندي في بيتي .. وهو عندك في مكتبك ... وهو عند فلان في سيارته ... وفلان في غرفة نومه .. وفلان في حقله وفي مصنعه .. بل هو أيضا في الأشياء والآلات والأدوات التي نستخدمها وتحيط بنا من كل جانب  

تعالى الله عن كل هذا علوا كبيرا 

فالله موجود في كل مكان وزمان من حيث العلم والاطلاع والسمع والبصر والاحاطة والقدرة والسيطرة وما إلى ذلك دون اقتران هذه الصفات بالتواجد المكاني الفيزيائي 

وتذكرت مقولة ميسون بنت طارق السويدان حين قالت ذهبت إلى مكة فلم أجد الله هناك ... ومن قال أن الله متواجد مكانيا في مكة المكرمة أو غيرها 

وهناك من يقولون أن المساجد هي بيوت الله ... وهذا أيضا مفهوم تعبيري معنوي مجازي ولا يفهم بالمعنى المادي الحرفي أن هذا المسجد هو بيت الله وكأن الله يبيت فيه !! وهذا أيضا مرتبط بشكل ما بنفس شبهة التجسيم والتحديد والفهم المادي الحرفي 

وفي قول الله تعالى ... ففروا إلى الله ... وفي قوله لعيسى إني متوفيك ورافعك إلي ...  وكثير من التعابير المشابهة ,,, هناك شبهة التجسيم والتبعيض والتحديد ... وكأن ألله تعالى في مكان ما لنذهب إليه أو نفر إليه أو يرفعنا إليه ...   وهذه كلها تعابير مجازية معنوية ولا يستقيم فهمها إلا على النحو المجازي المعنوي 

ولا بد لي أن أعرج هنا على بعض الثقافات الدينية الأرضية التعددية التي تقول بتعدد الألهة وتواجدها في عدة أماكن في نفس الوقت من خلال أصنام أو تماثيل أو صور  في هذا المكان فيعبدها الناس في هذا المكان ..,. وفي مكان آخر فيتعبدها الناس في ذلك المكان . وفي غيره وغيره وغيره ... وذلك لقصور هذه النظريات الدينية عن تصور الله خارج حدود الماديات والحيز والفر اغ والمكان والزمان والشكل والهيئة 

وأذكر في فيلم بي كي الهندي أنه تطرق وبجرأة نادرة إلى هذه المفاهيم المحدودة القاصرة عن الله الخالق القادر .. والا فلماذا يطلب الكهنة من أتباعهم أن يسافروا إلى أماكن بعيدة تأخذ وقتا وجهدا ومالا للوصول إليه لتقديم الصلوات أو الدعاء هناك ... وكأن الله هناك فقط 

هذه المفاهيم الوثنية الصنمية التجسيمية لا تليق بتصورنا عن الله اللامحدود اللامتناهي القادر العليم السميع البصير بدون حدود ... المطلع على كل شيء بإحاطة تامة ..  مهما صعر أو كبر هذا الشيء ومهما قرب أو بعد في مفهومنا البشري المادي الحسي 

ليست هناك تعليقات: