الخميس، 16 يونيو 2022

حقيقة رأس المال والقيمة الشرائية للأوراق النقدية والتضخم والربا

 لكم رؤوس أموالكم ... لا تظلمون ولا تظلمون

جاءت هذه الكلمة ضمن خطبة الوداع حين قال النبي - عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام - " وإن كل ربا موضوع ولكن لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " والمصطلحان الرئيسيان في هذه الجملة هما:
..... لكم رؤوس أموالكم : ومنها تنطلق التساؤلات "ما هو رأس المال ؟" وما هو المال أصلا ؟ وما هو المقصود بالمال ؟ هل المال هو هذه العملة الورقية التي نتداولها ؟ وهل لهذة العملة الورقية قيمة ثابتة كمرجعية لقياس القيمة الحقيقية لها ؟ وماذا عن نقص القوة الشرائية المستمر وامتتالي لهذه العملة ؟ وماذا عن ظاهرة التضخم الاقتصادي الذي يفقد العملة جزءا من قيمتها ؟
... القيمة الحقيقية للعملات الورقية : يحكى أن مواطنا أردنيا اقترض من تاجر عراقي مبلغ ٥٠ ألف دينار عراقي عندما كان الدينار العراقي يعادل ٣ دولارات تقريبا واتفق معه على أن يسدد هذا الدين بعد ٥ سنوات .. وفي خلال السنوات الخمس هذه حصل ما حصل في العراق وانخفضت قيمة الدينار العراقي وأصبحت في الحضيض، فهل يعيد المستدين ٥٠ ألف دينار عراقي ؟ وهل هذا هو رأس المال دون زيادة أو نقص ؟
تقوم بعض الدول بحساب قيمة التضخم (انخفاض قيمة العملة) سنويا ولهذا فلو كانت نسبة التضخم ٥% فهذا يعني أن ١٠٠ دينار في السنة السابقة يعادلها ١٠٥ دنانير في السنة الحالية ... أي أن ال ١٠٥ دينار حاليا لها نفس القيمة الشرائية لل ١٠٠ دينار في السنة السابقة .. فمع أن المبلغ قد زاد ورقيا إلا أن القوة الشرائية لهذه العملة الورقية بقيت كما هي ، أليس هذا هو رأس المال الحقيقي ؟
لو افترضنا وجود "سلة مستهلكات" كما هو الحال مع "سلة العملات" بحيث تشمل بنود الصرف التقليدية (طعام، لباس، سكن، مواصلات، تعليم، تطبيب، اتصالات، ضرائب، ..) وتم استخراج "معامل حسابي" للقيمة الشرائية للعملة الورقية فيمكن حساب "رأس المال الحقيقي" بناء على هذا المعامل الحسابي ليكون أساسا لتقييم العملة الورقية.
لا تظلمون ولا تظلمون : وهي مفتاح فهم النفطة السابقة حيث أن الهدف والمقصود من كل هذا الموضوع هو نفي الظلم عن الدائن والمدين. فليس الهدف والمقصود من الدين أن يحصل ضرر مالي عل أي من الطرفين ، والمال الذي يتم إقراضه يجب أن يرجع بالكامل للدائن بلا أي نقصان أو زيادة على قوته الشرائية
وقد يلجأ البعض لتقييم العملة المحلية بعملة أخرى أكثر ثباتا (الدولار أو اليورو) كما هو الحال في الدول التي تتناقص قيمة عملتها الوطنية ياستمرار كما كان الحال في تركيا ولبنان وفلسطين وغيرها .. ولعل هذا يحمي حق الدائن بالسترداد رأس ماله كاملا بلا أي زيادة أو نقصان
ويمكن تقييم العملة الورقية بمعدن ثمين (الذهب أو الفضة ) ليكون أساسا لحساب القيمة المالية الحقيقية للعملة الورقية لتكون هي قيمة الدين الذي يتوقع الدائن استرداده من المدين بعد انقضاء مدة الدين !!
الموضوع مهم جدا ويحتاج إلى معرفة عميقة بالأنظمة المالية والاقتصادية بالإضافة إلى العلم الشرعي ليتم استيعاب الموضوع بكامل جوانبه وإسقاط الحمكم الشرعي المناسب على هذه القضية المستجدة بسبب إستبدال العملة الشرعية (الذهب والفضة) بعملات ورقية لا تغطية لها وتتناقص قيمتها باستمرار كما نشاهد على أرض الواقع !

ليست هناك تعليقات: