السبت، 20 أغسطس 2022

من أشكال الوثنية الباطنية والشرك الخفي

حرص الاسلام فيما حرص عليه من تدعيم الايمان بالله تعالى .. أن يفصل ما بين الله وقدرته وعلمه وإحاطته الكلية الشمولية ، وما بين مفاهيم المكان والزمان والأشياء والمحسوسات التي يميل الانسان إلى ربطها وقرنها بالله سبحانه وتعالى 

ولهذا ...

  • محاربة الأوثان والأصنام سواء كانت من الحجر أو الخشب أو الرخام أو المعدن أو التمر أو غير ذلك وسواء كان الاعتقاد أنها "آلهة" بذاتها، أو أنها وسائل تقريب إلى الله
  • وحارب الكهانة والكهنة الذين كانوا يدعون أنهم وسيلة الاتصال بالله تعالى لضمان استجابته لهم
  • وحارب كل الخرافات والأساطير والطلاسم المتعلقة بالدين وبالايمان بالله تعالى

وقد كان من اعتراضات أهل مكة على محمد عليه الصلاة والسلام وعلى نبوته وعلى الاسلام والايمان والتوحيد بشكل عام أنه جعل الآلهة إلها واحدا !!  فاتهموه بالكذب والتلفيق ..  وعندما قال الاسلام أن الله موجود في كل مكان وزمان .. وأنه لا يحجز بين العبد وخالقه أي إنسان .. اتهموه بأنه يريد أن يخرب عليهم تجارتهم وأعمالهم ومنزلتهم ومكانتهم بين الناس لوجود الكعبة عندهم في مكة ولأن الناس يقدمون إلى مكة خصيصا للحج وللطواف بالكعبة 

وفي أيامنا هذه .. عاد الناس إلى ما اعتادوا عليه من طبيعتهم المادية التي لا بد وأن تقرن فكرة الله ووجود الله بالرموز وبالأزمان وبالأمكنة وبالأشخاص (الكهنة الوسطاء بين الله وبين الناس) .. رغم أن القرآن وتعاليم الدين تنفي هذا كله ولا تعطيه أي قيمة في علاقة الناس بالله المتواجد في كل مكان وزمان والذي لا يفصله عن العبد لا حاجز ولا حاجب ولا كاهن ولا ترجمان

وقد كنت في رحلة عمرة عائلية .. فتفاجأنا بوجود أسوار خشبية أقيمت حول الكعبة ودهنت باللون الأبيض ,, وذلك بسبب أعمال صيانة كانت تجري هناك على مبنى الكعبة ..  أصيبت زوجتي يشعور من خيبة الأمل ... وقالت لي .. "كنت أثوقع أن أرى الكعبة واللون الأسود .. فإذا بي أرى أسوارا خشبية مدهونة باللون الأبيض !!   فقلت لها .. ألا يكفيك معرفتك أن الكعبة داخل ذا السور الخشبي ؟  قالت أعرف ذلك بالعقل ,,, ولكني أفتقد إلى ذلك الشعور الوجداني وأنا أنظر إلى هذه الأسوار البيضاء

وأذكر فيما أذكر ما قالته إبنة طارف سويدان .. حين قالت منذ فترة قصيرة  أنها بحثت عن الله في مكة فلم تجده لا في مكة ولا في الحرم ...  فثارث ثائرة البعض عليها واتهموها بالانحراف وربما رموها بتهمة الكفر  !!   ولعلكم تذكرون النقاش الذي جرى عل صفحات الانترنت حول هذا الموضوع

وأذكر أيضا ضمن هذا السياق ما أثير حول موضوع التأشيرات (الفيزا) لأداء الحج في مكة

  • وكيف أن بعض الناس يكذبون في معلوماتهم التي يعطونها للمسؤولين لكي يحصلوا على هذه التأشيرة
  • وكيف يشتري البعض هذه التأشيرة بألف دينار أو ألفي دينار أوأكثر
  • وكيف يدفع البعض رشوة أو يحلفون يمينا كذبا للحصول على هذه التأشيرة
  • وكيف أن البعض يمسحون الجوخ ويهزون الذنب لبعض المسؤولين الحكوميين أو البرلمانيين (وبعضهم غير مسلم) للحصول على التأشيرة ...  إلخ .. إلخ ... وكأنهم بوصولهم إلى مكة سيصلون إلى الله .. وكأن الله غير موجود في خارح مكة ... وكأنهم لا يستطيعون الوصول إليه في أي مكان أو زمان يتواجدون فيه

فقد ارتبط وجود الله عندهم بالمحسوسات والملموسات والماديات والأشياء والأشخاص .. فصار قربهم من الله مرتبطا بقربهم المكاني من الكهبة والحرم .. وشرب ماء زمزم ..  وصوت إمام الحرم المكي وهو يقرأ القرآن

وأفكر في هذا ... أليست هذه أشكال من أشكال الوثنية الرمزية الباطينة المختبئة في عقليات الناس ونفوسهم منذ أيام الجاهلية الأولى وإلى أيام الجاهلية المعاصرة ؟؟

وهل سيقبل هؤلاء الناس الحاليين أن يقوم بما قام به عمر بن الخطاب حين قطع شجرة بيعة الرضوان بعد أن صار الناس يزوروها للبركة ويتمسحون بها ويقدسونها ؟؟ 

وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون

ليست هناك تعليقات: