على أبواب الذكرةى السنوية الأولى لحرب 7 أكتوبر وبعد مرور ما يقارب السنة على انطلاقة هذه الحرب في 7 أمتوبر 2023، تمر هذه الحرب في مرحلة مفصلية حرجة وخطيرة نحو مستقبل مجهول المعالم. وبشكل عام فإن تقييم الوضع الحالي يشير إلى استمرار انغلاق الأفق السياسي تجاه أي احتمال لأي اتفاق او اتفاقية أو معاهدة ممكنة يمكن قبولها أو التوافق عليها بين جميع الأطراف. ومع ارتفاع الأثمان والخسائر في طرفي الصراع، فإن هناك وكما يبدو شعورا متعمقا لدى كل طرف بأنه فعلا قد دفع ثمنا باهظا وأنه لا بد من تعوسيض ذلك بمكاسب سياسة واضحة للشعور بالتعويض تجاه هذه الخسائر وأنها لم تذهب سدى ! ولهذا أيضا فإن جماهير كل طرف من طرفي الصراع تأخذ وضعية المراقب المتوجس وغير المتساهل تجاه أي إشارة ضعف أو تنازل أو تخاذل من قيادته السياسية، وبالتالي فهو لن يسامحها ولن يتساهل معها وسيحاسبها حسابا عسيرا إن حصل ذلك، وهذا ينطبق على الطرفين وليس طرفا واحدا فقط !
ومنذ منشوري السابق حول هذا الموضوع فقد تبلورت الصورة أكثر ووضحت معالمها بشكل أكثر، وحدثت أحداث جسام منذ ذلك الوقت، وشملت في طياتها ما يلي
- تزايد وتيرة الاشتباك على جبهات جنوب لبنان مع حزب الله، ومع اليمن مع حركة أنصار الله، ومع حركات المقاومة الاسلامية في العراق
- حصول اشتباك مباشر مع إيران في أعقاب هجوم إسرائيل على مبنى تابع للسفارة الايرانية في دمشق، واستشهاد شخصيات إيرانية رفيعة في هذا الهجوم، مما استدعى هجوما ايرانيا موسعا في 13 أبريل 2024
- إسقاط (أو سقوط) طاشرة الهليكوبتر الايرانية التي كانت تقل رئيس إيران السابق إبراهيم رئيسي ووزير الخارجيةالايراني السابق حسين أمير عبد اللهيان
- انتخاب مسعود بزشكيان رئيسا جديدا لايران من التيار الاصلاحي الذي يميل (من حيث المبدأ) إلى مهادنة أمريكا والغرب عموما والسعي إلى نوع فتيل الأزمة مع الغرب العمل على رفع العقوبات الغربية ضج إيران وتجديد العمل بالاتفاق النووي بين إيران و العالم الغربي !
- إغتيال (استشهاد) إسماعيل هنية في إيران أثناء تقديم تهانيه للرئيس الايراني الجديد مسعود بزشكيان !
- إغتيال رئيس أركان حركة حزب الله فؤاد شكر في هجوم على الضاحية الجنوبية
- الهجوم الاسرائيلي الالكتروني على أجهزة النداء الآلي (البيجر) وأجهزة الاتصال اللاسلكي الأخرى المستخدمة من قبل حزب الله والذي أوقع ما يقرب من 4 آلاف إصابة وعشرات الشهداء
- الغارة على قيادات في حركة الرضوان (اللبنانية) أثنا اجتماع لها في ضاحية بيروت الجنوبية مما أدى إلى سقوط عدد من القيادات العليا فيها
- الغارات الأخيرة الضخمة والمستمرة على الضاحية الجنوبية لاستهداف حسن نصر الله والقيادات العليا السياسية في حركة حزب الله
- الاصطفاف الواضح لأمريكا مع العدو الاسرائيلي انطلاقا من تصريحاته المباشرة التي لا لبس فيها حول "حق إسرائيل في الدفاع غن نفسها" و إمداد لإسرائيل لكل ما تحتاجه تسليحيا واقتصاديا ودبلوماسيا لكي تتصدى ولكي تتفوق على كل أعدائها في المنطقة العربية والاسلامية
- عجز إسرائيل عن القيام بدورها المنوط بها لفرض السيطرة الأمريكية/الغربية على المنطقة استدعى تدخلا واسعا غير محدود وغير مشروط لدعم اسرائيل في الحرب الحالية بهدف تحقيق نصر عسكري و سياسي واضح يعيد ترتيب أوضاع المنطقة لحماية وتعزيز المصالح الاستراتيجية الأمريكية/ الغربية لعقود طويلة قادمة
- إصطفاف أوروبا الغربية و حلف الناتو وخاصة الدول ذات التاريخ الاستعماري مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا وغيرها مع السيد الأمريكي وطفله المدلل في المنطقة
- خنوع وخضوع وانصياع النظام الرسمي العربي والاسلامي بصفة عامة للتيار الجارف االغربي المناصر لاسرائيل وممارساتها وإجرامها ..اللهم الا من رحم ربي !
- المحاولات المستميتة اليائسة والفاشلة من قبل محور المقاومة لتجنب المعركة الكبرى بحجة أن هذا ليس وقتها وأنه (أي محور المقاومة) غير مستعد لها وأن البيئة العامة عربيا و إسلاميا ودوليا غير ناضجة وعير جاهزة لها
- اكتفاء محور المقاومة في لبنان والعراق وسوريا واليمن وإيران بالحد الأدنى الضروري جدا في معركة الاسناد لغزة وفلسطين دون التورط والانجرار لمعركة كبرى شاملة خوفا من خسارتها جعل هذا المحور في موقع رد الفعل وضمن الحد الأدنى !
- وضوح أهداف ونوايا وخطط الصهيو-أمريكي في الذهاب في هذه المواجهة إلى أبعد مدى فيها لتحقيق النصر الكامل على محور المقاومة بكامله والقضاء عليه قضاء مبرما عسكريا وسياسيا وإرغامه على الاستسلام عير المشروط والمذل للجانب الأمريكي/الغربي/الصهيوني
- حرص أمريكا وحلفائها علة جعل هذه الحرب درسا قاسيا لكل من لا يخضع طوعيا لها ويفكر في المشاكسة أو المنافسة أو التصدي .. ولا بد لجميع دول وقوى المنطقة (تبعا لذلك) أن تقبل هذا الوضع وتنصاع له بلا أي نقاش أو تفكير أو اعتراض أو مساومة
- وضمن هذه الصورة، فلا يخفى على أحد نوايا أمريكا الواضحة التخلص من النظام الايراتي الحالي استبداله بنظام حكم آخر مسالم ومهادن لأمريكا وإسرائيل والغرب عموما، ونفس الشيء ينطبق على نظام الحكم في تركيا متمثلا في رجب طسب أردوغان والمجيء هناك أيضا بنظام موالي للغرب ولأمريكا و إسرائيل
- هيمنة الفكر البراغماتي و الواقعية السياسية على جميع الأطراف الفاعلة بما فيها العرب والأتراك والايرانيين يضعهم في موقف ضعيف وصعب ضمن هامش متناقص للمناورة السياسية مقابل هجمة واضحة وقاسية ومبائرة من الصهيو-أمريكي .. يبقي موازين القوى في الحرب الحالية للطرف الآخر
- إن تضعضع وضعف وتردد الطرف الخاص بمحور المقاومة وخشيته من التصعيد الشديد والحرب المباشرة الواسعة والشمولية ألقى بظلاله أيضا على مصداقية الموقف الروسي والصيني تجاه هذه الحرب، فهم من جهة لا يرغبون في فرض الهيمنة الأمريكية على المنطقة، ولكنهم أيضا لا يثقون في صدقية وحسم وقدرة محور المقاومة علىالاستمرار واخذ القرارات الصعبة !
الخلاصة: كما أراها وبكل تجرد وموضوعية أنمت نمر حاليا في مرحلة مفصلية ودقيقة سيكون لها ما وراءها من تأثير عميق على أوضاع المنطقة وخارطة المستقبل الاقليمية والدولية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق